بعد أزمة اليورو والدولار 2022
تشير البيانات إلى أن الجنيه المصري حقق العديد من المكاسب خلال السنوات الخمس الماضية، وذلك بفضل الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي المصري، وتحديدا منذ تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016، مقابل الدولار، والتحول إلى سوق الصرف الحرة، وتمكن الجنيه المصري من تحقيق مكاسب ضخمة، إذ انخفض سعر صرف الدولار بنحو 20.2%.
لكن منذ التخفيض الثاني في قيمة الجنيه في مارس الماضي، سجل سعر صرف الجنيه المصري أدنى مستوياته، ليسجل متوسط سعر 18.91 ليقترب من حاجز 19 جنيهاً للدولار. واستمر سعر صرف الدولار في ارتفاعه مقابل الجنيه المصري لتصل الزيادة إلى أكثر من 14 قرشا خلال الأيام التي سبقت عيد الأضحى المبارك، وذلك بمقدار 2-3 قروش يوميا شراء وبيعا.
وتأثر الجنيه المصري بشكل مباشر بالأزمات الخارجية التي تواجه غالبية الاقتصادات في الوقت الحالي. فالتضخم مرتفع في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وفي الأسواق الناشئة هناك بعض الدول تجاوز فيها معدل التضخم 50%، وفي روسيا تواجه عملتها حاليا تراجعا كبيرا مقابل الدولار الأميركي، وهو ما يؤكد أن الأزمات التي تواجه الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي أكبر من قدرات أي اقتصاد، وسوف يتأثر الجميع بموجة التضخم المشتعلة على مستوى العالم.
يرى محللون أن هناك عدة عوامل عززت من تماسك الجنيه المصري مقابل الدولار، أبرزها الإجراءات التي اتخذها البنك المركزى لمواجهة عمليات الدولرة ووقف المضاربات التي كانت أحد أهم الأسباب المباشرة في زيادة أسعار صرف الدولار في السوق الموازية.
أما عن أداء الدولار مقابل العملات الرئيسية، فإن المؤشر الذي يقيس قوة الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسية قد وصل إلى 107.3 نقطة وهو المستوى الأعلى منذ ديسمبر 2002. ويرتفع مؤشر الدولار الأميركي عندما يكتسب الدولار قوة وقيمة، مقارنة بالعملات الرئيسية الأخرى.
يرى المحلل المصرفي، تامر يوسف، أن تحركات أسعار الصرف تتفاعل مع التغيرات في الأوضاع الاقتصادية الخارجية الحالية والنظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي، ففي ظل التوقعات المتدهورة للنمو العالمي، بسبب مشاكل سلاسل الإمدادات، وتباطؤ النمو في الصين، والحرب الروسية الأوكرانية، والارتفاعات الشديدة في أسعار الفائدة لمواجهة الضغوط التضخمية الحالية، ارتفعت مخاطر الركود الاقتصادي في جميع دول العالم، وهو السيناريو الذي حذرت منه جميع المؤسسات الدولية وعلى رأسها البنك الدولي.
وأوضح أنه نتيجة لذلك، شهدت الأسواق تدفق الأموال إلى أصول الملاذ الآمن المقومة بالدولار على حساب الاقتصادات الناشئة والنامية، لذلك يمكن القول إن مخاطر النمو العالمي تدعم الدولار وتقوض عملات الأسواق الناشئة على المدى المتوسط.
وكشف أن مرونة سعر الصرف تعكس معطيات السوق وقوى العرض والطلب، مشيراً إلى أنه من المنطقي ونحن في موسم الحج أن يشهد السوق زيادة الطلب على الدولار الأميركي لتلبية طلبات الحجاج المصريين لشراء الريال السعودي.
وفى السياق ذاته، فإن زيادة الطلب على الدولار تعود إلى استيراد الأضاحي بالإضافة للحوم المجمدة لتلبية احتياجات موسم العيد، وأيضاً تغطية احتياجات السوق المحلية للقمح والتي تكفي لأكثر من 6 أشهر ونصف الشهر، وفق البيانات الرسمية.
وتوقع انخفاض سعر صرف الدولار تدريجيا بعد انتهاء موسم عيد الأضحى، والانتهاء من المفاوضات الجارية مع صندوق النقد بالتوازي مع زيادة الاستثمارات الخليجية في السوق المصري.